كتاب: كنز العمال في سنن الأقوال والأفعال **

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: كنز العمال في سنن الأقوال والأفعال **


وقائعه عام الرمادة

35889- ‏{‏مسنده‏}‏ عن أسلم قال‏:‏ كتب عمر بن الخطاب في عام الرمادة إلى عمرو بن العاص‏:‏ من عبد الله عمر أمير المؤمنين إلى العاصي بن العاصي، إنك لعمري ما تبالي إذا سمنت ومن قبلك أن أعجف ‏(‏أعجف‏:‏ العجف‏:‏ الهزال، وبابه طرب فهو أعجف‏.‏ وأعجفه‏:‏ هزله‏.‏ المختار 328‏.‏ ب‏)‏ أنا ومن قبلي، فيا غوثاه‏!‏ فكتب عمرو‏:‏ السلام أما بعد لبيك لبيك لبيك‏!‏ عير أولها عندك وآخرها عندي مع أني أرجو أن أجد سبيلا أن أحمل في البحر، فلما قدم أول عير دعا الزبير فقال‏:‏ اخرج في أول هذه العير فاستقبل بها نجدا فاحمل إلي أهل كل بيت قدرت أن تحملهم إلي، ومن لم تستطع حمله فمره لكل أهل بيت ببعير بما عليه، ومرهم فليلبسوا كساءين ولينحروا البعير فليجملوا شحمه وليقددوا لحمه وليجلدوا جلده ثم ليأخذوا كبة من قديد وكبة من شحم وحفنة من دقيق فيطبخوا ويأكلوا حتى يأتيهم الله برزق، فأبى الزبير أن يخرج، فقال‏:‏ أما والله لا تجد مثلها حتى تخرج من الدنيا، ثم دعا آخر - أظنه طلحة - فأبى، ثم دعا أبا عبيدة بن الجراح فخرج في ذلك، فلما رجع بعث إليه بألف دينار، فقال أبو عبيدة‏:‏ إني لم أعمل لك يا ابن الخطاب‏!‏ إنما عملت لله ولست آخذ في ذلك شيئا، فقال عمر‏:‏ قد أعطانا رسول الله صلى الله عليه وسلم في أشياء بعثنا لها فكرهنا ذلك، فأبى علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فاقبلها أيها الرجل واستعن بها على دينك ودنياك، فقبلها أبو عبيدة‏.‏

‏(‏ابن خزيمة، ك، ق‏)‏‏.‏

35890- عن ابن عمر قال‏:‏ سمعت عمر يقول عام الرمادة‏:‏ اللهم‏!‏ لا تجعل هلاك أمة محمد على يدي‏.‏

‏(‏ابن سعد‏)‏‏.‏

35891- عن أسلم قال‏:‏ قال عمر‏:‏ بئس الوالي أنا إن أكلت طيبها وأطعمت الناس كراديسها‏.‏

‏(‏ابن سعد‏)‏‏.‏

35892- عن السائب بن يزيد قال‏:‏ ركب عمر بن الخطاب عام الرمادة دابة فراثت شعيرا فرآها عمر فقال‏:‏ المسلمون يموتون هزلا وهذه الدابة تأكل الشعير‏!‏ لا والله‏!‏ لا أركبها حتى يحيى الناس‏.‏

‏(‏ابن سعد، ق، كر‏)‏‏.‏

35893- عن أنس بن مالك قال‏:‏ تقرقر بطن عمر بن الخطاب وكان يأكل الزيت عام الرمادة وكان حرم عليه السمن فنقر بطنه باصبعه وقال‏:‏ تقرقر تقرقرك، إنه ليس لك عندنا غيره حتى يحيى الناس‏.‏

‏(‏ابن سعد، حل، كر‏)‏‏.‏

35894- عن أسلم أن عمر حرم على نفسه اللحم عام الرمادة حتى يأكله الناس‏.‏

‏(‏ابن سعد‏)‏‏.‏

35895- عن أسلم قال‏:‏ كنا نقول‏:‏ لو لم يرفع الله المحل عام الرمادة لظننا أن عمر يموت هما بأمر المسلمين‏.‏

‏(‏ابن سعد‏)‏‏.‏

35896- عن فراس الديلي قال‏:‏ كان عمر بن الخطاب ينحر كل يوم على مائدته عشرين جزورا من جزر بعث بها عمرو بن العاص من مصر‏.‏

‏(‏ابن سعد‏)‏‏.‏

35897- عن صفية بنت أبي عبيد قالت‏:‏ حدثني بعض نساء عمر قالت‏:‏ ما قرب ‏(‏قرب‏:‏ قربته بالكسر أقربه قربانا‏:‏ أي‏:‏ دنوت منه‏.‏ الصحاح للجوهري 1/198‏.‏ ب‏)‏ عمر امرأة زمن الرمادة حتى أحيى الناس هما‏.‏

‏(‏ابن سعد، كر‏)‏‏.‏

35898- عن عيسى بن معمر قال‏:‏ نظر عمر بن الخطاب عام الرمادة إلى بطيخة في يد بعض ولده فقال‏:‏ بخ بخ يا ابن أمير المؤمنين‏!‏ تأكل الفاكهة وأمة محمد صلى الله عليه وسلم هزلى‏!‏ فخرج الصبي هاربا وبكى فأسكت عمر بعدما سأل عن ذلك، فقالوا‏:‏ اشتراها بكف من نوى‏.‏

‏(‏ابن سعد‏)‏‏.‏

35899- عن أنس بن مالك قال‏:‏ رأيت عمر بن الخطاب وهو يومئذ أمير المؤمنين يطرح له صاع من تمر فيأكلها حتى يأكل حشفها‏.‏

‏(‏مالك، عب وابن سعد وأبو عبيد في الغريب‏)‏‏.‏

35900- عن السائب بن يزيد عن أبيه قال‏:‏ رأيت عمر بن الخطاب يصلي في جوف الليل في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم زمان الرمادة وهو يقول‏:‏ اللهم‏!‏ لا تهلكنا بالسنين وارفع عنا البلاء - يردد هذه الكلمة‏.‏

‏(‏ابن سعد‏)‏‏.‏

35901- عن كردم أن عمر بعث مصدقا عام الرمادة فقال‏:‏ أعط من أبقت له السنة غنما وراعيا ولا تعط من أبقت له السنة غنمين وراعيين‏.‏

‏(‏أبو عبيد في الأموال وابن سعد‏)‏‏.‏

35902- عن يحيى بن عبد الرحمن بن حاطب أن عمر أخر الصدقة عام الرمادة فلم يبعث السعاة، فلما كان قابل ورفع الله ذلك الجدب أمرهم أن يخرجوا، فأخذوا عقالين، فأمرهم أن يقسموا فيهم عقالا ويقدموا عليه بعقال‏.‏

‏(‏ابن سعد؛ عن ابن أبي ذباب مثله أبو عبيد في الأموال‏)‏‏.‏

35903- عن أسلم قال‏:‏ سمعت عمر يقول‏:‏ أيها الناس‏!‏ إني أخشى أن تكون سخطة عمتنا جميعا فأعتبوا ‏(‏فأعتبوا‏:‏ أعتبني فلان إذا عاد إلى مسرتي‏.‏ واستعتب‏:‏ طلب أن يرضى عنه، كما تقول‏:‏ استرضيته فأرضاني‏.‏ ومنه الحديث ‏(‏لا يتمنين أحدكم الموت، إما محسنا فلعله يزداد، وإما مسيئا فلعله يستعتب‏)‏ أي‏:‏ يرجع عن الاساءة ويطلب الرضا‏.‏ النهاية 3/175‏.‏ ب‏)‏ ربكم وانزعوا وتوبوا إليه وأحدثوا خيرا‏.‏

‏(‏ابن سعد‏)‏‏.‏

35904- عن سليمان بن يسار قال‏:‏ خطب عمر بن الخطاب الناس في زمان الرمادة فقال‏:‏ أيها الناس‏!‏ اتقوا الله في أنفسكم وفيما غاب عن الناس من أمركم فقد ابتليت بكم وابتليتم بي، فما أدري السخطة علي دونكم أو عليكم دوني أو قد عمتني وعمتكم، فهلموا فلندع الله يصلح قلوبنا وأن يرحمنا وأن يرفع عنا المحل‏.‏

‏(‏ابن سعد‏)‏‏.‏

35905- عن نيار الأسلمي قال‏:‏ لما أجمع عمر على أن يستسقي ويخرج بالناس كتب إلى عماله أن يخرجوا يوم كذا وكذا وأن يتضرعوا إلى ربهم ويطلبوا إليه أن يرفع هذا المحل عنهم وخرج لذلك اليوم عليه برد رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى انتهى إلى المصلى فخطب الناس وتضرع، وجعل الناس يلحون، فما كان أكثر دعائه إلا الاستغفار حتى إذا قرب أن ينصرف رفع يديه مدا وحول رداءه وجعل اليمين على اليسار، ثم اليسار على اليمين، ثم مد يديه وجعل يلح في الدعاء وبكى عمر بكاء طويلا حتى أخضل لحيته‏.‏

‏(‏ابن سعد‏)‏‏.‏

35906- ‏{‏مسند عمر‏}‏ عن الليث بن سعد أن الناس بالمدينة أصابهم جهد ‏(‏جهد‏:‏ الجهد - بالفتح المشقة‏.‏ وفي حديث أم معبد ‏(‏شاء خلفها الجهد عن الغنم‏)‏ أي الهزال‏.‏ النهاية 1/320‏.‏ ب‏)‏ شديد في خلافة عمر بن الخطاب في سنة الرمادة فكتب إلى عمرو بن العاص وهو بمصر‏:‏ من عبد الله عمر أمير المؤمنين إلى العاص بن العاص، سلام‏!‏ أما بعد فلعمري يا عمرو‏!‏ ما تبالي إذا شبعت أنت ومن معك أن أهلك أنا ومن معي، فيا غوثاه‏!‏ ثم يا غوثاه - يردده قوله‏.‏ فكتب إليه عمرو بن العاص‏:‏ لعبد الله عمر أمير المؤمنين من عمرو بن العاص، أما بعد فيا لبيك‏!‏ ثم يا لبيك‏!‏ وقد بعثت إليك بعير أولها عندك وآخرها عندي، والسلام عليك ورحمة الله وبركاته، فبعث عمرو إليه بعير عظيمة فكان أولها بالمدينة وآخرها بمصر يتبع بعضها بعضا، فلما قدمت على عمر وسع بها على الناس ودفع إلى أهل كل بيت بالمدينة وما حولها بعيرا بما عليه من الطعام، وبعث عبد الرحمن بن عوف والزبير بن العوام وسعد ابن أبي وقاص يقسمونها على الناس، فدفعوا إلى أهل كل بيت بعيرا بما عليه من الطعام أن يأكلوا الطعام وينحروا البعير فيأكلوا لحمه ويأتدموا شحمه ويحتذوا جلده وينتفعوا بالوعاء الذي كان فيه الطعام لما أرادوا من لحاف أو غيره، فوسع الله بذلك على الناس‏.‏

فلما رأى ذلك عمر حمد الله وكتب إلى عمرو بن العاص يقدم عليه هو وجماعة من أهل مصر، فقدموا عليه، فقال عمر‏:‏ يا عمرو‏!‏ إن الله قد فتح على المسلمين مصر وهي كثيرة الخير والطعام وقد ألقي في روعي ‏(‏روعي‏:‏ الروع - بالضم - القلب والعقل، يقال‏:‏ وقع ذلك في روعي، أي‏:‏ في خلدي وبالي‏.‏ وفي الحديث ‏(‏إن الروح الأمين نفث في روعي‏)‏‏.‏ المختار 209‏.‏ ب‏)‏ لما أحببت من الرفق بأهل الحرمين والتوسع عليهم حين فتح الله عليهم مصر وجعلها قوة لهم ولجميع المسلمين أن أحفر خليجا من نيلها حتى يسيل في البحر، فهو أسهل لما نريد من حمل الطعام إلى المدينة ومكة، فإن حمله على الظهر يبعد ولا نبلغ منه ما نريد، فانطلق أنت وأصحابك فتشاوروا على ذلك حتى يعتدل فيه رأيكم، فانطلق عمرو فأخبر بذلك من كان معه من أهل مصر، ثقل ذلك عليهم وقالوا‏:‏ نتخوف أن يدخل في هذا ضرر على أهل مصر، فنرى أن تعظم ذلك على أمير المؤمنين وتقول له‏:‏ إن هذا الأمر لا يعتدل ولا يكون ولا نجد إليه سبيلا‏.‏

فرجع عمرو إلى عمر فضحك عمر حين رآه وقال‏:‏ والذي نفسي بيده‏!‏ لكأني أنظر إليك يا عمرو وإلى أصحابك حين أخبرتهم بما أمرتك به من حفر الخليج، فثقل ذلك عليهم وقالوا‏:‏ يدخل في هذا ضرر على أهل مصر فنرى أن تعظم ذلك على أمير المؤمنين وتقول له‏:‏ إن هذا الأمر لا يعتدل ولا يكون ولا نجد إليه سبيلا، فعجب عمرو من قول عمر وقال‏:‏ صدقت والله يا أمير المؤمنين‏!‏ لقد كان الأمر على ما ذكرت، فقال له عمر‏:‏ انطلق يا عمرو بعزيمة مني حتى تجد في ذلك ولا يأتي عليك الحول حتى تفرغ منه إن شاء الله، فانصرف عمرو وجمع لذلك من الفعلة ‏(‏الفعلة‏:‏ محركة - صفة غالبة على عملة الطين والحفر ونحوه‏.‏ القاموس 4/32‏.‏ ب‏)‏ ما بلغ منه ما أراد، وحفر الخليج الذي في جانب الفسطاط الذي يقال له‏:‏ ‏(‏خليج أمير المؤمنين‏)‏ فساقه من النيل إلى القلزم، فلم يأت الحول حتى جرت فيه السفن، فحمل فيه ما أراد من الطعام إلى المدينة ومكة، فنفع الله بذلك أهل الحرمين وسمي ‏(‏خليج أمير المؤمنين‏)‏‏.‏ ثم لم يزل يحمل فيه الطعام حتى حمل فيه بعد عمر بن عبد العزيز، ثم ضيعه الولاة بعد ذلك فترك وغلب عليه الرمل فانقطع فصار منتهاه إلى ذنب التمساح من ناحية طحاء القلزم‏.‏

‏(‏ابن عبد الحكم‏)‏‏.‏